Tuesday, June 10, 2008

أراك عصي الدمع شيمتك الصبر **** أما للهوى نهي عليك و لا أمر

بلى أنا مشتاق و عندي لوعة **** ولكن مثلي لا يذاع له سر

إذا الليل أضواني بسطت يد الهوى **** و أذللت دمعا من خلائقه الكبر

تكاد تضيء النار بين جوانحي**** إذاهي أذكتها الصبابة و الفكر

معللتي بالوصل و الموت دونه **** إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر

حفظتُ و ضيعتِ المودة بيننا **** و أحسن من بعض الوفاء لك الغدر

و ما هذه الأيام إلا صحائف **** لأَحرفها من كف كاتبها بَشر

بنفسي من الغادين في الحي غادة **** هواي لها ذنب و بهجتها عذر

تروغ إلى الواشين فيَّ و إن لي **** لأذنا بها من كل واشية وقر

بدوت وأهلي حاضرون لأنني **** أرى أن دارا لست من أهلها قفر

و حاربت قومي في هواك و إنهم **** و إياي لولا حبك الماء و الخمر

فإن كان ما قال الوشاة و لم يكن **** فقد يهدم الإيمان ما شيد الكفر

وفيت و في بعض الوفاء مذلة **** لآنسة في الحي شيمتها الغدر

وقور و ريعان الصبا يستفزها **** فتأرن أحيانا كما يأرن المهر

تسائلني من أنت و هي عليمة **** و هل بفتى مثلي على حاله نكر

فقلت كا شائت و شاء لها الهوى **** قتيلك قالت أيهم فهم كثر

فقلت لها لو شئت لم تتعنتي **** ولم تسألي عني و عندك بي خبر

فقالت لقد أزرى بك الدهر بعدنا **** فقلت معاذ الله بل أنت لا الدهر

و ما كان للأحزان لولاك مسلك**** إلى القلب لكن الهوى للبلى جسر

و تهلك بين الهزل و الجد مهجة **** إذا ما عداها البين عذبها الفكر

فأيقنت أن لا عز بعدي لعاشق **** و أن يدي مما علقت به صفر

و قلبت أمري لا أرى لي راحة **** إذا الهم أسلاني ألح بي الهجر

فعدت إلى حكم الزمان و حكمها **** لها الذنب لا تجزى به و لي العذر

كأني أنادي دون ميثاء ظبية **** على شرف ظمياء جللها الذعر

تجفَّل حينا ثم تدنو كأنما **** تنادي طلا بالواد أعجزه الحُضر

فلا تنكريني يابنة العم إنه **** ليعرف من أنكرته البدو و الحضر

ولاتنكريني إنني غير منكر **** إذا لا زلت الأقدام و استنزل النضر

و إني لجرار لكل كتيبة **** معودة أن لا يخل بها النصر

و إني لنزال بكل مخوفة **** كثير إلى نزالها النظر الشزر

فأظمأ حتى ترتوي البيض و القنا **** و أسغب حتى يشبع الذئب و النسر

ولا أصبح الحي الخلوف بغارة **** ولا الجيش ما لم تأته قبلي النذر

و يا رب دار لم تخفني منيعة **** طلعت عليها بالردى و أنا الفجر

و حي رددت الخيل حتى ملكته **** هزيما و ردتني البراقع و الخُمر

و ساحبة الأذيال نحوي لقيتها **** فلم يلقها جهم اللقاء و لا وعر

و هبت لها ما حازه الجيش كله **** و رحت و لم يكشف لأثوابها ستر

و ما حاجتي بالمال أبغي وفوره **** إذا لم أفر عرضي فلا وفر الوفر

أسرت و ما صحبي بعزل لدى الوغى **** ولا فرسي مهر و لا ربه غمر

ولكن إذا حم القضاء على امريء **** فليس له بر يقيه ولا بحر

وقال أصيحابي الفرار أو الردى **** فقلت هما أمران أحلاهما مر

ولكنني أمضي لما لا يعيبني **** و حسبك من أمرين خيرهم الأسر

يقولون لي بعت السلامة بالردى **** فقلت أما والله ما نالني خسر

و هل يتجافى عني الموت ساعة **** إذا ما تجافى عني الأسر و الضر

هو الموت فاختر ما علا لك ذكره **** فلم يمت الإنسان ما حيي الذكر

ولا خير في دفع الردى بمذلة **** كما ردها يوما بسوءته عمر

يمنون أن خلو ثيابي و إنما **** علي ثياب من دمائهم حمر

و قائم سيفي فيهم اندق نصله**** و أعقاب رمحي فيهم حطم الصدر

سيذكرني قومي إذا جد جدهم **** و في الليلة الظلماء يفتقد البدر

فإن عشت فالطعن الذي يعرفونه **** و تلك القنا و البيض و الضُّمر الشقر

و إن مت فالإنسان لا بد ميت **** و إن طالت الأيام وانفسح العمر

ولو سد غيري ما سددت اكتفوا به **** و ما كان يغلو التبر لو نفق الصفر

و نحن أناس لا توسط عندنا **** لنا الصدر دون العالمين أو القبر

تهون علينا في المعالي نفوسنا **** ومن خطب الحسناء لم يغلها المهر

أعز بني الدنيا و أعلى ذوي العلا **** و أكرم من فوق التراب ولا فخر

No comments: